هذا الطائر المحلق إلى ربه في سماء صافية جميلة، يحدوه الشوق إلى ديار الحبيب؛ فيضرب بجناحيه – رغم شقة السفر – بحيوية الذي عرف ما قصد؛ فهان عليه ما وجد! هو الآن يطوي المسافات طياً، ويختزل الأزمنة اختزالاً.. اللحظة الواحدة تحت شلال الوصل بعمر كامل من أعمار بني آدم! وذلك هو (الوقت)، مقام العارفين المحبين. وفي هذا قالوا: (فلان له أوقات!) ذلك أن كل غفلة من العمر عن الاتصال بالله ليست لك يا ابن آدم بوقت الوصل العالية؛ خوفاً ورجاء بين احتمالين لا ثالث لهما! ذلك ذوق منزلة الخوف والرجاء في كبد المحب.. فانشر جناحيك يا صاح وَارْقَ! فما دون النشر إلا التردي، والسقوط الرهيب في أوحال التراب! نقل ابن القيم كلاماً لطيفاً لأبي علي الروذباري رحمهما الله، قال:
(الخوف والرجاء كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه. وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص)
. فهما إذن يشكلان معاً مقاماً واحدا؛ إذ لا يجوز أن يتفرد أحدهما بالعبد، وإلا كان من الهالكين، قنوطاً ويأساً، أو بطرا وغروراً! وكلا الأمرين من أخلاق الكافرين.
البطاقات ذات الصلة
عرض البطاقات