بابها هوالاستغفار . ولذلك فهي دعاء بما للكلمة من معنى. دعاء فيه خصائص العبودية ما قد لا تجده في غيره من العبادات! إذ التوبة إقرار بالذنب أولاً، ثم شعور بالذلة، والفقر إلى الله. وذلك أساس من أسس التعبد في الإسلام. وشروط التوبة الثلاثة دالة على هذا المعنى الوجداني العميق. وهي الإقلاع عن المعصية، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، وتلك كلها هي شروط الرحلة إلى الله. فالندم على فعل الشر، هذا الإحساس الوجداني الجميل، الذي يدرك العبد من خلاله – إذ تذوق مرارة التيه وشقاء الشرود – ما للعودة من حلاوة، وما للأوبة من أثر في عمران القلب بالسلام. ولذلك يبقى الندم حافزاً قوياً على الدخول إلى مقام (الإرادة)؛ فيسلك المريد إلى ربه سبيل الرشاد والمحبة، ومصراً على التزام تعاليم الهدى ولو حفت بالمكاره! لأنه يدرك ما للشرود والتيه من خطر على نفس، وشقاء في المعيشة! ويكفي التوبة رفعة أن تكون دعاء؛ إذ (الدعاء هو العبادة) كما في الحديث. بل لك أن تقول: "التوبة هي العبادة"! ما دامت التوبة واردة في الحديث مرادفة للدعاء والرجاء. قال عليه الصلاة والسلام حاكيا عن ربه تعالى في الحديث القدسي:
(يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي!) فقوله هنا: "دعوتني" هو بمعنى استغفرتني؛ لأن جوابه كان هو قوله: "غفرت لك".
البطاقات ذات الصلة
عرض البطاقات