إن عقيدة الإسلام لم تكن في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية؛ إلا لمسة تربوية ذات أثر روحي عميق على الوجدان والسلوك. وقد كان المسلمون عندما يتلقونها بعباراتها القرآنية الجليلة، يتفاعلون معها تفاعلاً عجيباً، إذ يتحولون بسرعة، وبعمق كبير من بشر عاديين، مرتبطين بعلائق التراب؛ إلى خلائق سماوية تنافس الملائكة في السماء! وما هم إلا بشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق! ولذلك حقق الله بهم المعجزات في الحضارة والتاريخ. إن الكيمياء الوحيدة التي كانوا يتفاعلون بها هي: (لا إله إلا الله) لكن ليس كما صورها علم الكلام بشتى مدارسه ومذاهبه، وإنما كما عرضها القرآن آيات بينات ومحكمات.
إن التقسيمات الكلامية للعقيدة الإسلامية، التي أملتها ضرورة حجاجية حيناً، وضرورة تعليمية حيناً آخر، ليست ذات جدوى في عالم التربية الإيمانية؛ لخلوها من روحها الرباني، وسرها التعبدي، الذي لا تجده إلا في كلمات القرآن وأحرفه: ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول "ألم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف). ثم إن التعبير عن حقيقة الذات الإلهية لا يكون على كمال صدقه، جلالاً وجمالاً؛ إلا إذا كان بما عبر الله به عن ذاته سبحانه وصفاته. وما كان للنسبي المحدود أن يحيط وصفاُ وعلماً بالمطلق غير المحدود! ومن هنا كان التوقيف في مجال التعبيرالعقدي في الإسلام.
البطاقات ذات الصلة
عرض البطاقات