إن العمارة الإسلامية – رغم ثرائها الجمالي الرفيع – هي آخر ما ينبغي الاشتغال به لمن أراد أن يدرس الجمالية الإسلامية في مصادرها الأولى! لأن حصون المدائن وجدرانها إنما هس التجليات المادية المعبرة عن أشواق الروح، الفياضة عبر القباب والمآذن؛ مندفعة بقوة نحو السماء! وإنما هي صورة التعبير الرمزي عن معاني الاحتضان العاطفي وقيم الأخلاق الاجتماعية والحنان الرَّيان! بما امتازت به من حياء، وتستر، وانحناءات، تتلوى أضلاعها الخفاقة بالمحبة بين الدروب! تسلك بالرجال والنساء مسالك الحشمة الرقيقة والوقار العالي، إلى المساجد وإلى الغرفات والشرفات الكاشفة الساترة! ثم تنشر أسرارها نقوشاً وزخرفة تتبادل الأدوار مع أحرف الخط العربي بشتى أشكاله، في كلمات ناطقة حيناً، وناظرة أحياناً أخرى! كلها تتدلى مثل العناقيد من بين الأقواس، تستقبل مواجيد المحبين وترد سلام المتبتلين، لتتوحد معهم في صلاة أبدية خالدة!
البطاقات ذات الصلة
عرض البطاقات
