جمالية منازل العبادة

جمالية منازل العبادة

جمالية منازل العبادة

من جماليات الدين أن العبد السالك إلى ربه متنقل في عبادته بين (منازل)، أو (مقامات)، ومتلذذ في (مواجيده) (بأحوال). وهذه العبارات وإن كانت من اصطلاحات المتصوفة؛ فإن معانيها ومفاهيمها من أصول الدين في الإسلام. إلا أن لنا قبل البدء في التفصيل كلمةً نقولها ههنا. وذلك أن الناس في التصوف بين مُفْرِطٍ مُفْرِطٍ، وبين مُسْرِفٍ وغَالٍ. وقلما تجد الاعتدال! والحق في كل الأمور أوسطها. وإنما الميزان ما أنزله الله في كتابه الحكيم. قال جل وعلا:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

(المائدة: )

نعم؛ هذا المجال قد خالَطَتْهُ بِدَعٌ وخرافات، وأوهام ومنكرات، تسربت إلى مصنفات القوم، وتلبست بأقوالهم. فذلك أمر معلوم. بَيْدَ أنهم ليسوا طبقة واحدة، ولا مدرسة واحدة، بل إن من بين رجالهم لَبِحَاراً زاخرةً بالحقائق القرآنية، والمعاني الإيمانية، والإشارات الربانية، وإن من بين مصنفاتهم لكنوزا عامرة بالحِكَم الرحمانية، والعطاءات النورانية، والأذواق الراقية؛ وذلك لما اختصوا به من النظر العميق في طبائع النفوس، وما ثَقِفُوهُ من التشخيص الدقيق لأهوائها وأدوائها! وما رسموه من المشاهدات الرحمانية الصافية, التي وُهِبُوهَا أثناء السياحات الروحية – متفكرين ومتدبرين – في عالم الملك والملكوت! ومن هنا فإنه لا يميز الحق من الباطل في أقوالهم وإشاراتهم إلا نقادة فاحص! د. فريد الأنصاري

البطاقات ذات الصلة

عرض البطاقات

icon

اشترك