النداء الرابع: وجوب القصاص في القتلى

وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى : أَنَّهُ شَرَعَ للناَّسِ أَخْذَ الدِّيَةِ فِي حَالَةِ القَتْلِ العَمْدِ تَخْفِيفاً مِنْهُ ، وَرَحْمَةً بِالمُسْلِمِينَ ، إِذْ كَانَ يَتَوَجَّبُ عَلَى الأُمَمِ السَّالِفَةِ القَتْلُ أَوِ العَفْوُ . وَإِذَا تَعَدَّدَ أَوْلِياءُ الدَّمِ وَعَفَا أَحَدُهُمْ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ ، وَسَقَطَ القِصَاصُ . . وَيَجُوزُ العَفْوُ فِي الدِّيَةِ أَيْضاً . ( وَقِيلَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ مَفْرُوضاً عَلَيهِمُ القَتْلُ لاَ غَيْرَ ، وَأَهْلَ الإِنْجِيلِ أُمِرُوا بِالعَفْوِ ، وَلَيسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مُقَابِلَ العَفْوِ دِيَةً ) . وَيُهَدِّدُ اللهُ تَعَالَى مَنْ يَعْتَدِي بِالقَتْلِ عَلَى القَاتِلِ - بَعْدَ العَفْوِ وَالرِّضَا بِالدِّيَةِ - بِالعَذَابِ الشَّدِيدِ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ .
 
فِي القِصَاصِ رَاحَةُ البَالِ ، وَصِيَانَةُ النَّاسِ مِنِ اعتِدَاءِ بَعْضِهمْ عَلَى بَعْضِهِم الآخَرِ ، لأَنَّ مَعْرِفَةَ النَّاسِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ يُعَاقَبُ بِالقَتْلِ ، تَحْمِلُهُمْ عَلَى الارتِداعِ عَنِ القَتْلِ ، فَتُصَانُ حَيَاةُ النَّاسِ ، وَحَيَاةُ مَنْ يُفَكِّرُ بِالقَتْلِ . وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى بِالنِّداءِ أَرْبَابَ العُقُولِ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى أَنَّ الذِينَ يَفْهَمُونَ قِيمَةَ الحَيَاةِ ، وَيُحَافِظُونَ عَلَيهَا هُمُ العُقَلاَءُ . وَإِذا تَدَبَّرَ أُولًو الأَلبَابِ الحِكْمَةَ مِنْ شَرْعِ القِصَاصِ حَمَلَهُمْ ذلِكَ عَلَى اتِّقَاءِ الاعتِدَاءِ ، وَالكَفِّ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ .

النداء للذين آمنوا . . بهذه الصفة التي تقتضي التلقي من الله ، الذي آمنوا به ، في تشريع القصاص .


الصوتيات ذات الصلة

استمع إلى صوتيات أخرى عن الموضوع ذاته

icon

اشترك